mercredi 7 mars 2012

حرية المرأة محرار أهداف الثورة




يكتسي احتفال المرأة التونسية هذه السنة باليوم العالمي للمرأة الذي يوافق 8 مارس من كل عام أهمية وطنية مفصلية في مسيرة المجتمع التونسي نحو الحداثة وإرساء مقومات المواطنة الكاملة بين كل التونسيين.
ليس من المبالغة في شيء التأكيد على أن حرية المرأة وضمان حقوقها كاملة في هذه الفترة التي يعمل خلالها الفاعلون السياسيون والاجتماعيون على بناء تونس الديمقراطية يبقى رهين مدى التزام جميع الأطراف بضمان حرية المرأة وتأمين حقوقها السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
لن يعني الانتقال الديمقراطي شيئا بالنسبة للتونسيين إذا ما بقيت المرأة خارج دائرة المشروع التحديثي الذي تحرص جميع القوى الوطنية على إرساء مقوماته بدءا من أروقة المجلس الوطني التأسيسي إلى برامج الأحزاب السياسية ومرورا طبعا بنضالات المرأة خلال هذه الفترة.
تمتلك تونس تجربة حداثية متقدمة في مجال حرية المرأة سواء على المستوى العربي أو الإقليمي، فقد خاض المصلحون التونسيون منذ منتصف القرن التاسع عشر معارك شرسة ضد قوى متخلفة ثقافيا وفكريا واجتماعيا ويعد المصلح الكبير الطاهر الحداد رمزا وطنيا وتاريخيا ناضل واستمات في الدفاع من أجل تمكين المرأة من حقوقها.
ولم تذهب أفكار الحداد سدى فقد توجت نضالاته بإصدار مجلة الأحوال الشخصية غداة الاستقلال التي دافع عنها نخبة من المصلحين آنذاك وفي مقدمتهم الزعيم الحبيب بورقيبة رغم قوى الشد إلى الوراء.
ولم تكن المعارك الفكرية والسياسية بين القوى الوطنية الحداثية وبين القوى التقليدية، الزيتونية أساسا معارك واهية بل كانت معارك «إستراتيجية»، ظاهرها يدور حول حقوق المرأة وباطنها حول نمط المجتمع الذي ينشده التونسيون في إطار المواطنة الكاملة للرجل وللمرأة على حد سواء.
اليوم، وبعد أن فتحت ثورة 14 جانفي 2011 صفحة جديدة في تاريخ تونس من حق المرأة التونسية لا أن تتمسك فقد بمجلة الأحوال الشخصية التي تعد الأولى من نوعها في العالم العربي والإسلامي، بل وأساسا أن تناضل من أجل انتزاع حقها في المواطنة الكاملة بما يستجيب لتحقيق أهداف الثورة التي قامت من أجل حرية وكرامة التونسيين رجالا ونساء.
ما يلفت الانتباه أنه من المفارقات أن توجد المرأة التونسية ومعها تيارات الحداثة اليوم في موقع الدفاع عن حق المرأة في المواطنة في ظل تعالي أصوات سلفية تحاول أن تجرد المرأة من مكاسبها ومن ثمة تجريد المجتمع من عنوان حداثته تحت مسميات دينية والدين منها براء.
تقف تونس اليوم، شئنا أم أبينا، أمام مفترق طرق، إما بناء مجتمع حديث يضمن لجميع التونسيين والتونسيات نفس الحقوق ويلزمهم بنفس الواجبات أو الانزلاق وراء دعوات لنشر ثقافة ماضوية تستنقص من مكانة المرأة ودورها في الحياة العامة وتسعى لشلّ نصف المجتمع.

المصدر:جريدة الصحافة

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire