dimanche 25 mars 2012

رياض الصيداوي: قطر لا تمتلك أية سياسة خاصة بها هي فقط تدفع ثمن فواتير واشنطن


ناء ناطحات السحاب في الخليج عبر شركات كورية أو أمريكية لا يعني تقدّما علميا أو اجتماعيا”
قطر ودورها الكبير في تأجيج الأزمات عبر صناعة الخبر من خلال شبكتها الإعلامية الجزيرة وموقفها من التطوّرات الداخلية بالبلدان العربية و من الحكومات العربية ، التي اتضح أن جميعها ديكتاتورية إلا حكومة قطر ، وتعيين رئيس اللجنة العربية للمبادرة رئيس وزراء قطر عرّاب حرب ليبيا وسياسة الكيل بمكيالين و… ملف سوريا ودعمها وحياد قطر وولي عهدها و وسيلتها الإعلامية عن مجريات الأمور في العالم العربي ومواضيع أخرى كثيرة تشغل الشارع العربي اليوم …

التنوير ، استضافت الكاتب والباحث في العلوم السياسية و مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية بجنيف، رياض الصيداوي:

• ماهو تقييمكم للوضع العربي عموما؟

اعتقد أن العرب يعيشون اليوم مرحلة انتقالية تاريخية. إنما يحدث الآن شبيه بما حدث عند انهيار المعسكر الشيوعي في أوروبا الشرقية. يجب التأكيد أولا على أنّ هذه الثورات هي عمليات دينامكية داخلية. لكن في المقابل هناك محاولات لتوظيف هذه الثورات من قبل واشنطن وهي التي تقرر مصير الوطن العربي.لانّ مصير العرب ليس في يد باريس أو روما أو لندن أو برلين وإنما في يد واشنطن حصرا، وعندما أقول واشنطن،أصبح أكثر دقة فلا استخدم مفهوم الغرب فليست سويسرا أو بلجيكا أو السويد أو غيرهم هم المعنيون بالأحداث العربية.
إذن نحن أمام ثنائية متلازمة تجاه الثورات العربية: ديناميكية داخلية حقيقية تقابلها جهة خارجية تريد أن تأطّر وتوظّف وتتلاعب بنتائج هذه الثورة.هي تحاول أن تتلاعب بالوضع العربي و هدفها الاستراتيجي الرئيسي هو محاصرة العملاقين:روسيا والصين والتمكّن من منابع الطّاقة لذلك حدثت الحرب ضدّ العراق رغم انّه لا توجد فيه أسلحة دمار شامل و لا توجد فيه قاعدة ، القاعدة موجودة في السعودية واليمن لكن تمّ احتلاله للاقتراب من العملاقين ومحاصرتهما في آسيا . نفس الشيء حصل مع ليبيا حيث تمّ الانقضاض على النظام من الخارج ، ورغم أنّ الثورة هي التي ساهمت في خلق الديناميكية الداخلية، إلاّ أنّ الانقضاض حدث بسبب النفط الليبي،والدليل على ذلك أن لا أحد يتحرك تجاه المجازر والمجاعات التي تحدث في الصومال منذ أكثر من عشرين سنة.
باختصار،واشنطن تريد وطنا عربيا بمثابة حزام أخضر توصل فيه الحركات الإخوانية للسلطة لمواجهة روسيا و الصّين خصماها الإستراتيجيان الحقيقيان.البقية هم لاعبون محلّيون يعدّون بيادق تلعب أدوارا محددة في إطار هذه الإستراتيجية الأمريكية، وبالتالي تتمّ تعبئة مواردهم الداخلية والخارجية لصالحها. وهو ما حدث مع القذّافي حيث أن كل قذيفة استخدمت وكل صاروخ أطلق أو طلعة جوية قامت بها قوات الحلف الأطلسية دفعت ثمنها قطر والإمارات والسعودية. ونفس السيناريو حدث مع صدام حسين حيث مولت دول الخليج الحرب ضده. أي أنه بأموال العرب يتم قصف المدن العربية.
أيضا يتم استخدام شيوخ الملوك والأمراء بشكل نسقي لإعطاء الشرعية لهذه الحروب من أجل الطاقة والهيمنة. فأمير قطر طلب من يوسف القرضاوي أن يفتي بقتل القذافي ثم بتدخل الحلف الأطلسي وهو ما فعله. فتوى القرضاوي لا تعني شيئا بالنسبة لواشنطن حيث أن دورها يكمن فقط في تخدير الشعوب العربية، بفتواه أو بدونها البنتاغون سينفذ خطته العسكرية ، هو فقط كومبارس عند كومبارس آخر وهو الشيخ حمد آل ثاني.

ويحدث الآن نفس الشيء في سوريا. لكن الجديد في الأمر هذه المرة هو أن موسكو والصين استخدمتا الفيتو لوضع حد لاستخدام مجلس الأمن للإضرار بمصالحهما.كما عارضت جنوب إفريقيا والبرازيل والهند عملية التدخل العسكري في سوريا. وهي الدول ذات النمو الاقتصادي الجيد. فالمعروف في علم التاريخ هو أن الرأسمالية حينما تشتد بها الأزمات الاقتصادية تلتجئ لإشعال الحروب لحل تناقضاتها. حمد آل ثاني أو يوسف القرضاوي ليسا إلا مجرد لاعبين محليين في هذه الرهانات الدولية. هما ينفذان الأوامر فقط. أما دعوى يوسف القرضاوي لمقاطعة البضائع الصينية والروسية فهي مضحكة وتدعو للازدراء والسخرية. حيث أن الصين أو روسيا لم يحتلا أبدا أرضا عربية. وبالسلاح الروسي والصيني نجحت ثورة التحرير الوطني الجزائرية (1954-1962) وبنفس السلاح استمرت المقاومة الفلسطينية.
وكذلك كل الحروب العربية ضد إسرائيل كانت بهذا السلاح. والصين تفوز بأغلب عقود بناء الجسور والسدود في المغرب العربي لأنها الأقل تكلفة. وأقول للقرضاوي بماذا سيلعب الأطفال العرب يوم العيد لولا الألعاب الصينية الرخيصة؟ يوسف القرضاوي يدرك كل هذه الحقائق. لكنه يؤدي عمله أيضا لصالح من استأجره وأغدق عليه بالأموال الطائلة وجعله نجما تلفزيونيا.
السعودية أيضا دخلت على الخط واستعادت أسطورة الملائكة الخضر التي كانت تقاتل ضد الاتحاد السوفياتي في أفغانستان ثم اختفت منذ ربع قرن ولم نعثر لها على أثر لا في فلسطين ولا في لبنان ولا في العراق ولا حتى في أفغانستان مع الاحتلال الأمريكي… هي عادت فقط مع الشيخ محمد ألعريفي الذي قال بأنها تقاتل بشار الأسد على جياد بيض. مرة أخرى يتم استخدام خطاب الخرافات من أجل القيام بتعبئة شاملة في إطار مخطط خارجي واضح المعالم.
وبنفس هذه الإستراتيجية يتمّ طمس معالم ثورات أخرى إعلاميا وسياسياّ ويتمّ تجاهلها مثلما حدث في البحرين أو في عمان أو ما يحدث في السعودية.

• في حوار مع نوميديا نيوز قلتم بانّ الأولى برئيسنا المؤقّت أن يركّز على السعودية وقطر باعتبارهما أكثر الدّول تخلّفا ثم حذّرت من التدخّل الأجنبي الواضح للدول العربية : ما هي خلفيات هذا التحذير وهذا القول ؟

لا بدّ أن نتعامل مع الديمقراطية انطلاقا من المبادئ وليس انطلاقا من سياسة الكيل بمكيالين. إذا أرادت تونس أن تصدّر قيمها الديمقراطية لبقيّة الدول العربية فعليها أن تضع تصنيفا للأنظمة العربية. إن أي عالم في السياسة أو عالم في القانون الدستوري لمّا يقوم بتصنيف مدى ديمقراطية الدول العربية سيصل إلى ثلاثة أنواع: الدول الأكثر ديمقراطية، الدول متوسطة الديمقراطية، ثم الدول الأكثر تخلّفا من الناحية الديمقراطية وهذا النوع الأخير يضمّ السعودية، قطر، والإمارات.
وهذا الحديث ليس تجنّيا على دول دون أخرى وإنما تطبيق لمعايير الديمقراطية التي نقيّم من خلالها الديمقراطية في أيّ بلد ومنها التعددية الحزبية ، منها الثقافة الحزبية والقدرة الإعلامية على انتقاد ما يحدث داخل البلد لا انتقاد الآخرين خارج الحدود وإنما انتقاد الحاكم نفسه. بالإضافة إلى حرية الجمعيات وحرية النقابات ومدى الالتجاء إلى صناديق الاقتراع ومدى فصل السلطات… إذن لو طبقنا هذه المعايير العلمية على الأنظمة العربية لوجدنا أن أكثر الدول تخلّفا من هذه الناحية هي قطر والسعودية رغم سيطرتهما على إمبراطورية إعلامية ضخمة وامتلاكهما لأموال طائلة وشرائهما لذمم آلاف الصحافيين والكتاب والمثقفين العرب وغير العرب، وبالتالي يحدث مجاملتهما والتغاضي عمّا يحدث فيهما سواء من قبل الإعلام العربي أو الإعلام الغربي أو حتى الحكومات العربية والغربية، فقط تبقى بعض المنظمات الدولية الشجاعة كمنظمة العفو الدولية التي نشرت تقريرا عن السعودية سمته “مملكة الصمت” وأشارت للفظائع والجرائم التي ترتكب فيها. كذلك بعد أن أمضى روبيار مينار الرئيس السابق لمنظمة مراسلون بلا حدود سنوات في قطر استنتج أن قطر دكتاتورية شيوخ وأمراء من العصر الحجري ونشر كتابا عن ذلك.
بالنسبة لتونس، عندما يتوجّه الرئيس منصف المرزوقي بانتقاد لسوريا أو الجزائر فإننا نقول له كان من الأولى أن يتجه إلى الدول الأكثر تخلّفا من الناحية الديمقراطية، أنظمة العصر الحجري التي لم تعرف حتى تزوير الانتخابات. مما يسقطنا في سياسة الكيل بمكيالين وهي السياسة الغربية المعروفة تجاه الوطن العربي وتجاه فلسطين بخاصة.
فلا يمكن إذن للحكومة التونسية أن تجامل آل سعود وأل ثاني وفي الآن نفسه تطرد السفير السوري.


• دعا أمير قطر إلى إرسال قوات عربية لإنهاء العنف في سوريا ماهو موقفكم؟

الثورة في علم الاجتماع تحدث في علبة سوداء مغلقة، وبالتالي فإن أيّ تدخّل خارجي لصالح النظام أو لصالح الثوّار يضر بديناميكية الثورة نفسها، فتصبح العملية رهان لمصالح الدول الكبرى. بمعنى أن الثورة الفرنسية لم يتدخّل فيها أحد لا الجيش الانجليزي و لا الألماني. على عكس التدخل السعودي في البحرين لمساعدة النظام وقمع الثورة.
إن التدخّل الخارجي في سوريا بقيادة قطر أو السعوديّة ليس من أجل نشر قيم الديمقراطية أو تحرير الشعب السوري لانّ هذه الدول أصلا هي الأكثر تخلّفا من الناحية الديمقراطية وإنما هما ينفذان استراتيجيات واشنطن يعني أنها تطلب منهما شيئا وهما ينفذانه.
المعروف أنّ الجامعة العربية لم يكن في تاريخها أي تدخّل لصالح الدول العربية فحينما كان ياسر عرفات محاصرا في الضفّة الغربية لم يكلّف القادة العرب أنفسهم حتىّ بمخاطبته هاتفيا.وحينما قصفت إسرائيل بيروت لم يتدخّلوا كذلك. والأمثلة كثيرة جدّا والمهمّ أنّ هذه الجامعة التي استيقظت وتقودها اليوم الدّول غير الديمقراطية لا يمكنها أن تنشر الديمقراطية، لا يمكن للدكتاتوريات العربية أن تنشر الديمقراطيات. هناك مخاوف حقيقية على الديمقراطيات الناشئة مثل تونس وليبيا ومصر أن تتدخّل فيها السعودية وقطر وتخرّب العملية من الدّاخل عبر آلياتها المالية والإعلامية مثلما حدث في لبنان الذي كان مثالا في الديمقراطية لكنّه اخترق من قبل هذه القوى الخارجية والمال الخارجي. إذن لا توجد دروس في الديمقراطية تعطى من قبل أكثر الدّول تخلّفا.

• ذكرت مصادر العسكرية و استخباراتية إسرائيلية لموقع دبكا الإسرائيلي أنّ قطر تدعم المعارضة السورية في حمص ؟ فكيف تقيمون مواقف قطر من الحكومات العربية و من التطوّرات الدّاخلية بالبلدان العربية؟
قطر ليست دولة عظمى بالمعنى العسكري أو البشري أي أنّها أضعف من مصر وسوريا والجزائر. ليست لديها أية إمكانيات حتى تصنّف ضمن الدول الديمقراطية وبالتالي لا يمكنها أن تنشر القيم باعتبارها تقوم على ديكتاتورية مطلقة وحتى في تصنيف العلوم السياسية فانّ الكويت تعد أكثر ديمقراطيّة منها بمئات السنين والمغرب كذلك ولكنهما لم يدعيا بأنهما يلعبان هذا الدّور ، بمعنى أنّ قطر لم تبدأ حتّى عمليّة تحرير نفسها، ولو لخصنا النظام السياسي القطري لقلنا أن ركائزه هي: بئر غاز وقاعدة عسكرية أجنبية وعائلة حاكمة متصارعة ينقلب فيها الابن على أبيه وفتاوى يوسف القرضاوي الأميرية، نسبة للأمير. أي أنها دولة تعوض البرلمان بفتاوى الشيوخ مثلها مثل السعودية حتى لا يحاسب العائلة الحاكمة أحد.

استخدمت كل إمكانياتها المالية والإعلامية لتطبّق المخططّ الأمريكي في المنطقة أي أنّ النظام الجزائري أو السوري عندما يتعاملان مع قطر هما يعرفان أنّهما لا يتعاملان معها وإنّما يتعاملان مع واشنطن و مع من يمثّل سياسة واشنطن في الجامعة العربية، فقطر بدون أمريكا لا تساوي شيئا ولكن في نفس الوقت هي تملك السيولة النفطية والإمبراطورية الإعلامية الكبيرتين جدّا حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تموّل ما يحدث في الوطن العربي وإنما قطر هي المكلّفة بذلك ، فأمير قطر يقول أنه دفع مليارين من الدولارات لإسقاط القذافي ، وثمة حديث عن دفع عشرة مليارات لإسقاط بشار الأسد ، ومحاولة رشوة روسيا أو الصين لعدم استخدام الفيتو ضد التدخل العسكري في سوريا ، واشنطن غير مستعدة أن تمول هذه العمليات وإن كانت الخطة خطتها.
لماذا؟ لأن المواطن الأمريكي دافع الضرائب سيحاسبها على كل دولار ينفق، ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية وجدت في أمير قطر أفضل ممول لعملياتها ، حيث أن له سيولة نقدية هائلة وهو أيضا حاكم دكتاتوري مطلق لن يحاسبه شعبه على المال الذي يبذره لصالح دولة أجنبية. حدث هذا أيضا مع السعودية في الثمانينات حينما مولت حروب المخابرات المركزية الأمريكية في أمريكا اللاتينية ضد الحركات اليسارية وهو ما يعرف بحروب ” الكونتراس”، لأن هذه الدكتاتوريات لا يوجد من يحاسبها على إنفاقها من مواطنيها على عكس أمريكا.
واشنطن في أزمة اقتصادية خانقة ولن تنفق على خططها الإستراتيجية في الوطن العربي، لذلك قطر تمول هذه الخطط وتدعي أنها قوة عظمى تلعب في أدوار تاريخية.

• كيف تقيمون الإعلام القطري ( الجزيرة تحديدا ) وماذا تقصدون بسياسة الكيل بمكيالين في حديثكم عن تغطيتها الإعلامية لثورات دون أخرى ؟
الإعلام في قطر ، مثل أي إعلام في أي دولة دكتاتورية ، يمجّد الأمير والحاشية بما فيها الشيخة موزة .
تأكد الرأي العام أن الجزيرة هي قناة أمير قطر، هي قناة خاصة وهو من يموّلها فلا نحتاج حتى للبحث في هذه المسألة.كما أنها ليست قناة ربحية تبحث عن المال وبالتالي هي قناة أمير قطر استخدمها بدرجة أولى لتنفيذ خطّة واشنطن في المنطقة.ورغم أن الجزيرة استخدمت تقنيات أمريكية احترافية عالية وهي تعتمد على كسب ثقة المشاهد أولا حيث يتراكم لديها نوع من المصداقية لدى المشاهد العربي إلى أن تمرر فكرتها حينما يتعلق الأمر بالأزمات الكبرى .
الجزيرة لم تعد قناة إعلامية اليوم وإنما هي قناة تحريضية: الخطاب الإعلامي أو الجملة الإعلامية أصبحت جملة تحريضية اليوم دون أن تسهى عن تلميع صورة أمير قطر ثمّ أيضا هي قناة متقلبة المواقف تبعا لتقلب مواقف أميرها ومالكها، نذكر جميعا حربها اليومية تجاه السعودية. فكل يوم تجد أخبارا سيئة جدا عن هذا البلد إضافة إلى برامجها الكثيرة المحرضة ضد الرياض، وفجأة ذهب حمد آل ثاني إلى الرياض والتقى مع الراحل سلطان بن عبد العزيز وتصالحا وانتهى الأمر.
الجزيرة انقلبت حتى على أرشيفها وقامت بحذف كل انتقاد للسعودية، أيضا كانت الجزيرة مجاملة للراحل معمر القذافي ولبشار الأسد لأن أمير قطر كان يخشاهما ويخاف منهما، وكان يبدي صداقته لهما نفاقا وتزلفا. مثل يوسف القرضاوي الذي كان يلتقي أيضا بالقذافي وبشار الأسد ويتقرب إليهما، اليوم الأخبار الآتية من الدوحة تقول أن أمير قطر مرعوب من فكرة عدم سقوط بشار الأسد، لأن السوريين معروفين بشراستهم وقد ينتقمون منه بطريقتهم.
كما روجت الجزيرة أكاذيب كثيرة مثل وجود عشرات الآلاف من المرتزقة السود يقاتلون إلى جانب القذافي وأيضا قيام الطيران الليبي بقصف المتظاهرين في الفشلوم في طرابلس. ولا حتى الدبابات السورية تقصف المتظاهرين السلميين، كل هذا كذب.
ثمة معارك عسكرية تحدث في سوريا اليوم في بابا عمر وغيرها من المناطق مثلما حدثت في ليبيا. أنا لا أدافع على النظامين وإنما أدافع عن الحقيقة الإعلامية التي ضاعت في البروباغندا القطرية ، حجم الكذب تجاوز كل حدود، وفي الآن نفسه تطمس عمليات القتل في البحرين وفي المنطقة الشرقية في السعودية طمسا كاملا ، كما اختفت أخبار مظاهرات عمان من شاشتها.

يلقّب البعض أمير قطر بأنّه “مرتكب الخيانة العظمى” ضد الحكّام العرب عموما، إلى أيّ حدّ يمكن العمل بهذه التسمية ؟
بعيدا عن الأحكام القيمية والتقييمات العاطفية، فانّ قطر تنفّذ السياسة الأمريكية من ألفها إلى يائها وبدون شك استخدمت أكبر قاعدة عسكرية للتجسس في منطقة الشرق الأوسط وهي قاعدة العديد. بالإضافة إلى بناء مشروع الجزيرة، إذن فهي تنفّذ الأوامر الأمريكية بحذافيرها. وقد قال جورج بوش الابن مرة خلال زيارة أمير قطر لواشنطن أثناء غزو العراق سنة 2003 هذا “صديقنا الحقيقي”، فقطر كانت تموّل خطّط واشنطن.

حتى نكون واضحين مع أنفسنا ، ليست قطر من دفعت أهالي القصرين وسيدي بوزيد وقفصة للنزول إلى الشارع وإنما التراكمات هي التي ساهمت في تطوّر الأحداث بتونس وبالبلدان الأخرى كما ليست الجزيرة هي من خلقت هذه الثورات ولكن قطر عملت على تنفيذ
سياسة واشنطن في المنطقة.
أما الثورات العربية فقد تأخرت عن موعدها كثيرا.
الثورات العربية ديناميكية داخلية، ومن قام بها هم آخر من استفاد منها، وهي الحركات الاجتماعية والشباب الميداني الذي ضحّى بدمه لم يستفد من نجاحها.
في مصر مثلا الحركات الاجتماعية مازالت في ميدان التحرير وهي التي قامت بالثورة، نفس الشيء في تونس، ليست حركة النهضة و لا غيرها من قام بالثورة ، لا عباءة القرضاوي الذي يقول “الثورات خرجت من عباءتي” ولا قطر هم من صنعوا الثورات العربية ، لقد كانت حركات غير منظّمة ولم تكن لديها إمكانيات التنظم والتعبئة، لذلك لا يمكن لهذه الحركات أن تصل إلى السلطة لانّ من يصل إلى السلطة هم من يملكون الإمكانيات المالية والإعلامية والأكثر تنظيما وقدرة على التعبئة أثناء الانتخابات.

هل يمكن الحديث عن وحدة عربية في ظلّ التدخّلات القطرية؟

الوحدة العربية مرتبطة برأيي بعملية الدمقرطة الكاملة والشاملة عندما تحدث هذه العملية ستحدث معها سياسة دوران النخب في الحكم، حيث لن يتكرر الحكم الفردي والعائلي الذي لا يبحث إلا عن مصلحة الحاكم. لأنّ ما حدث في الدول العربية هو أنّ العائلات أصبحت تحكم ليس فقط من أجل السلطة السياسية وإنما من أجل جمع المال، أصبحنا نعيش مع عائلات مافيوية تبحث عن السلطة السياسية من أجل مراكمة المال وقد قدّمت مجلة “فوربس”الأمريكية أرقاما ضخمة لعائلات عربية حاكمة تمتلك ثروات خيالية أي ما يعادل ميزانيات دول ، وبخاصة عائلات آل سعود وآل ثاني.
لمّا تحدث عملية الدمقرطة سيعمل الحاكم العربي جدّيا من أجل مصلحة البلد وشعبه ومن المؤكّد أن المصلحة العربية تكمن في الوحدة العربية وليس في الفرقة ، وأنا قلت منذ بداية التسعينات أن صناديق الاقتراع هي من ستؤدي إلى الوحدة العربية إن حدثت ذات يوم.
وقد شاهدنا في الاتحاد الأوروبي دولا مختلفة القوميات واللغات تعمل مع بعضها دون جمارك أوحدود، نفس العملة والإطار موحّد والدّول متضامنة مع بعضها البعض.
نفس الشيء العرب لا يستطيعون تحقيق مطامحهم منفردين : الجزائر وتونس والمغرب وليبيا تحتاج كلّها إلى العامل الاقتصادي الصناعي أكثر من العاملين السياسي والإيديولوجي. و هذه تقريبا مشكلة الوحدة العربية حيث ركّزت على هذين العاملين و تناست العامل الاقتصادي الذي هو الأهم.
• تنشغل أمم الثورات اليوم بقضايا اللباس و الاختلافات الإيديولوجية و تهمل القضايا الأساسية حتى ثبت القول إننا امّة ، نقدّم الخدمات لأعدائنا مجانا و نناصب العداء لبعضنا بعض دون علم منّا ، مارايكم ؟
إن طرح المواضيع الأساسية عند العرب مثل الثورة الزراعية والثورة الصناعية، كلها مفاهيم مغيبة وكأن مشاغلهم الأساسية اليوم هي لباس النقاب أو عدمه وشكل الحجاب… كلّها مظاهر ثقافوية تثير الجدل الاجتماعي رغم معرفتنا بانّ النقاب مثلا هو لباس خليجي حيث يلبس الرجل الأبيض وتلبس المرأة الأسود، لقد طرحت هذه المواضيع حتى لا يتمّ الحديث عن التصنيع و الديمقراطية والوحدة العربية.
تمّ التآمر الخارجي على هذه المشاريع و ما يحدث في الخليج من مشاريع بناء ناطحات السحاب عبر شركات كورية أو أمريكية لا يعني تقدّما علميا أو اجتماعيا، وإنما هي مجتمعات استهلاكية تابعة.
الوحدة العربية يجب أن تبنى على أسس ديمقراطية وعبر صناديق الاقتراع والهدف يجب أن يكون التصنيع العربي، لا بدّ من تصنيع الإمكانيات الهائلة من نفط وغاز.
أما ظاهرة الفتوى في الجزائر أوفي مصر أو في ليبيا و في غيرها من البلدان العربية لم تكن موجودة من قبل. فالجزائريون لم ينتظروا فتاوى شيوخ آل سعود حتى يثوروا على الاستعمار الفرنسي، بل هي ظاهرة خاصة بدول الخليج استخدمت أساسا لتجنب المؤسسات الديمقراطية ولمساعدة الملوك والأمراء الدكتاتوريين على إحكام القبضة على شعوبهم وهي تعتمد أساسا مقولة واجب طاعة الأمير أي ولي الأمرّ، فعوض أن يكون هناك برلمان منتخب، فإن الحاكم المطلق، أي الدكتاتور يعيّن لنفسه شيوخا يفتون له، حيث لم ينتخب أحد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي أنشأته دولة قطر ووضعت على رأسه يوسف القرضاوي ولا انتخب أحد الرابطة العالمية الإسلامية التي أنشأتها السعودية ووضعت فيها شيوخها الوهابيين.
إذن نحن أمام ظاهرة ملوك وأمراء ذوي سلطة دكتاتورية مطلقة اتجهوا إلى الشيوخ وقاموا بتمويل كثير من الفضائيات لتبرير حكمهم المطلق. فتاوى الشيوخ بدلا من صناديق الاقتراع. والأمثلة كثيرة لدور هذه الفضائيات الملكية والأميرية، فمثلا إن المحاسب القديم عمرو خالد الذي صنعته قناة “اقرأ” السعودية وهي شقيقة قناة” آرتي فيديو كليب” التي صنعت هيفاء وهبي ونانسي عجرم… يعني الشيخ صالح الكامل السعودي صنع عمرو خالد ومحمد العريفي وهيفاء وهبي ونانسي عجرم بنفس رأس المال السعودي بنفس الشركة . وكذلك نفس الشيء بالنسبة لقناة ” الرّسالة ” التي تعمل على نفس المشروع وهو تنمية الفكر الغرائزي فقناة الرسالة للوليد بن طلال هي شقيقة روتانا فيديو كليب تخضع لنفس الممول ولنفس الخطة. والهدف تدمير الفكر العلمي ونشر الفكر الغرائزي…. فضائيات عذاب القبر وعذاب الصدر يعتمدان على نفس المال وعلى نفس الخطة…تنشر الانحلال الأخلاقي و فتاوى طاعة الأمراء والتهديد بعذاب القبر للفقراء.
إننا نخضع اليوم لهذه المنظومة الخارجية والملك المستبدّ الذي يبحث عن شرعيته فأطلق الفضائيات والاستراتيجيات الخاصة به ، نحن إذا أمام إستراتيجية واضحة المعالم لتخريب العقل العربي العلمي وتحويله إلى عقل خرافي غرائزي.

•) ماهو تقييمكم لصعود الإسلاميين إلى الحكم في معظم الدّول العربية : هل هي فرصة لإثبات حسن نيتهم أم أنّها طريقة اتبعتها أطراف معينة لتعيد المدّ الإسلامي إلى مواقعه الأصلية وتبعد خطره عنها؟

هذا منتظر ولم يكن مفاجأة إلى درجة كبيرة.لقد درست الحركات السياسية الإسلامية منذ عقدين من الزمن لذلك لم أتفاجئ بنجاحها في الانتخابات لأسباب عديدة منها أولا إمكانيات التنظّم والتعبئة لدى هذه الحركات والاستفادة الإعلامية الكبرى من قنوات الخليج، والدّعم المالي الذي يأتي بشكل رسمي بالإضافة إلى الدكتاتوريات التي تعمل على أن تبقى وتعطي شرعية لنفسها والتي عملت على ضرب القوى الثالثة وهي الحركات اليسارية والقومية والديمقراطية والوطنية ..، عندما يترك هذا الفراغ تصعد الحركات الإسلامية لانّ تلك الدكتاتوريات غيبت القوى الديمقراطية وحاربوها، الدكتاتور يقول إما أنا أو الحركات الإسلامية.
الآن وبشكل واضح ظهر الاختلاف بين هذه الحركات : الحركات الإخوانية المنظمّة للاتّحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي عينته قطر وموّلته لمواجهة الحركات السلفية الوهابية التي ترعاها السعودية وقد شكّلت لها تنظيما عالمياّ سمّته الرابطة العالمية الإسلامية ، يعني نحن أمام مشروعين مختلفين: هم يشتمون بعضهم بعضا ويسفّهون بعضهم البعض وآلاف الأمثلة تبين ذلك .
ماذا تريد الحركات الإسلامية؟ بالنسبة لتونس مثلا حركة النهضة قالت نحن مع النموذج التركي ، حيث أكد راشد الغنّوشي أن أفكاره هي التي أثرت في الأتراك ، مؤخّرا الأتراك قالوا نحن حركة إسلامية علمانية وهو ما فاجئ حركة النهضة التي أصبحت تبتعد عن النموذج التركي ، السؤال هو إلى أين تتجه تونس إلى المشروع التركي أو إلى المشروع الأفغاني والمشروع الصومالي؟
أما على الصعيد الاقتصادي الاجتماعي فإن راشد الغنوشي قال نحن مع اختيار اقتصاد السوق. وهو ما يفسر العلاقة الممتازة بين واشنطن والحركات الإخوانية، فبينما يقول السياسيون الغربيون أن اقتصاد السوق تسبب في كارثة على الاقتصاد والمجتمع وأن أزمته هيكلية فإن الإخوان مازالوا يتبعونه ويعتقدون في معجزته الاقتصادية.

من يعتقد أن قطر هي نموذج يجب إتباعه يجب عليه أن يعرف أنها بدون غاز تساوي الصومال وأن السعودية بدون نفط تساوي أفغانستان لأنهما ليستا دول منتجة وإنّما هما دولتان استهلاكيتان.
لكن يجب ملاحظة أن الحركات الإسلامية تعيش اليوم ما يسمّى بدورتها التاريخية مثلما كان للقومية العربية دورتها التاريخية في الستينات والشيوعية بعد الحرب العالمية الثانية لعقود من الزمن.
لكن ممارسة السلطة سيبين مدى الفرق بين الحلم والواقع ، بين الوعود والحقيقة المرّة، فحركة النهضة وعدت منذ دخولها الانتخابات في برنامجها بتوفير 300 ألف موطن شغل في ظرف سنة فأن تحقق ذلك فقد صدقت ونجحت وسيعيد الشعب انتخابها وإن لم يتحقق ذلك فانّ الناخب العقلاني لن يعيد انتخابها وسيبحث عن مشاريع وبرامج أخرى .
وأخيرا إن ممارسة السلطة لدى الحركات الإسلامية سيحرمها من هذه الهالة التقديسية وستصبح مثل أي حزب آخر يخطأ ويصيب.

حاورته : آسيا توايتي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire