lundi 26 mars 2012

الشيخ الدكتور هشام قريسة لـ «الشروق» : الزواج العرفي ليس شرعيا


 نظمت  جامعة الزيتونة بالمعهد العالي للحضارة الإسلامية مؤخرا ندوة علمية تبحث في «الزواج العرفي: مقاصده وآثاره» وهي تننزل في إطار مسايرتها لواقع المجتمع التونسي ومواكبتها للمستجدات والنوازل وبحثها المستمر في قضايا الراهن وتحدياته.

ولمزيد بخصوص هذا الموضوع وغيره من المواضيع كان هذا اللقاء التالي مع الدكتور هشام بن الشيخ عبد الكريم قريسة، أستاذ بجامعة  الزيتونة بتونس، متحصل على دكتوراه دولة في العلوم الإسلامية سنة 1988 ويشغل خطة نائب رئيس الجامعة الزيتونية، ومن مؤلفاته:«الاستدلال وأثره في الخلاف الفقهي» وسدّ الذرائع» و«تهذيب مسائل الصلاة من المدونة الكبرى» ونظرية العقد في الفقه الإسلامي» إضافة إلى مجموعة من المحاضرات والمقالات.

 ماهي قراءتكم لظاهرة  الزواج العرفي؟

 الزواج العرفي هو زواج مجرد من أهم أركان ومظاهر الزواج الشرعي، إذ ينقصه في كثير من صوره الولي  وأما الإشهاد الذي هو من شروط العقد فإنه يقع في الغالب توصية الشهود بكتم الزواج، وينقصه كذلك الإشهار والإعلان فقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث على ضرورة إعلام الناس بالزواج عند الدخول فقال : «أعلنوا النكاح، واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدفّ» رواه  ابن ماجة في سننه، وقال أيضا : «فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح» رواه الخمسة إلا أبا داود.

 ثم إن من أعظم مقاصد الزواج الديمومة وهي أن الداخل في هذه العلاقة الزوجية يجب أن يكون قاصدا استمرار العلاقة لا أن ينوي تأسيس زواج مؤقت، لأن التوقيت دالّ على فساد هذا الزواج بل هو من نكاح المتعة الذي حرمه الإسلام وهذا ما كان عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة المجتهدين.

 إذا ما تحدثنا عن الزواج العرفي فهذه إحالة على شريحة معينة في المجتمع تعي ما تفعل وتؤمن بشرعية هذه الحركة، فمن هذه الشريحة وما هي دوافعها وخلفياتها في هذا الاختيار؟

 هذه الشريحة التي تؤمن بالزواج العرفي وتتبناه لا تنظر إلى الشريعة في أحكامها ومقاصدها إنما تنظر إلى ما يلائم أهواءها ورغباتها الجنسية من دون تكليف ولا التزام بمتطلبات العلاقة الزوجية لذلك ما المانع أن تشهر هذه الفئة زواجها دون أن يكلفها ذلك شيئا ماديا فنحن لا نطلب من هؤلاء الذين يتزوجون عرفيا أن يقيموا أفراحهم في القاعات الفخمة أو النزل ولا أن يذبحوا الذبائح ولا أن يأتوا لنسائهم بالحلي وإنما الأمر يقوم به المسلم على قدر طاعته، ما نطلبه منه هو أن يكون صريحا معلنا لما يفعل وقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإثم فقال : «الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس» فهم يأخذون نساءهم لو اذا يتسللون بهن إلى البيوت من دون أن تعيش المرأة ليلة زفافها مبجلة مكرمة وذلك من صور الفطرة التي كنا نتحدث عنها.

 هل اقتنع الشباب بما أردتم تبيانه في فساد الزواج العرفي وبطلانه استنادا للشريعة؟

 اقتناع الشباب متصل بقناعته الذاتية فكل إنسان ميسر لما خلق له وما خلق له قائم على حسب ما يعلمه الله في نية عبده فمن كان مهتديا زاده هداية ومن كان ضالا زاده ضلالا، قال تعالى : «والذين اهتدوا زادهم هدى وأتاهم تقواهم» (محمد 17) وقال أيضا : «قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمان مدا».(مريم 75).

 ماالذي يجعل شباب اليوم يعيشون واقعهم بوسائل الأمس؟

 ما يجعل شباب اليوم يعيشون بوسائل الأمس هو افتقارهم إلى العلم الشرعي الصحيح وهذا الجدب نشأ لأن الأنظمة السياسية التي تداولت  على الحكم في بلدنا غربت الناس وأبعدتهم عن دينهم وعطلت عمل علماء الزيتونة وذاق الناس وبال هذا التصرف.

كيف ترون واقع الزيتونة اليوم : «دورها بين «ما يجب أن يكون وماهو كائن»؟

 وهذا يجرنا إلى الحديث عن دور الزيتونة اليوم لأن واقعها معلوم لا يحتاج إلى بيان ولا يخفى على أحد فبالنسبة لدورها فإنها مطالبة بأن تضطلع به من جديد وتؤسس لعلم شرعي متزن بالمواصفات التي ذكرناها في بداية الحوار ونرجو من الله أن يعين أساتذة الزيتونة على القيام بهذا العمل على أحسن وجه.

 ماهي الحلول التي ترون أنها تستطيع أن تساعد الزيتونة للانفتاح أكثر  على الواقع الراهن والمحيط؟

 حتى تأخذ الزيتونة مكانتها ودورها في المجتمع ويظهر شيوخها وأساتذتها في العمل الاسلامي الرصين لا بد أن  يشارك الإعلام بمختلف وسائله المرئية والسمعية والمكتوبة لتجلية هذا الدور وإبراز دور العلماء أكثر من إبراز دور الدعاة كما لا بد أن يساهم أساتذة الزيتونة  في النشاط داخل المساجد بإلقاء الدروس والخطب وتبصير الناس بعلوم الدين، إضافة إلى التكوين الجامعي بإعطاء الدروس ومناقشة الرسائل وهذه مسؤولية كبرى وعمل كبير نسأل الله الإعانة والتوفيق.
حاورته : شيماء عيسى

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire